الخميس، 23 أبريل 2015

عيوب التصميم.. شواهد تطورية!- د/ منى زيتون

عيوب التصميم.. شواهد تطورية!

د/منى زيتون

مُستل من كتابي "الإلحاد والتطور.. أدلة كثيرة زائفة"

الخميس 9 مارس 2017

https://www.sasapost.com/opinion/design-flaws-evolutionary-evidence/

يدعي التطوريون أنه نظرًا لانبثاق الأنواع من بعضها البعض فإن تصميم العضو في النوع الجديد الناشيء قد يوجد به بعض العيوب، كونه ناشئًا عن سمكرة تطورية وليس عن تصميم مخصوص للعضو في النوع الجديد المفترض، ويعتبرون تلك العيوب التصميمية من أقوى شواهد حدوث التطور.

وفي كتاب بعنوان "أخطاء جسم الإنسان ‏Human Errors‏" يدعي مؤلفه التطوري ناثان لنت ‏Nathan H. Lents‏ أن ‏جسم الإنسان تحديدًا ضعيف التصميم وملئ بالعيوب وغير مصمم بدقة وذكاء لأنه ناتج عن تعديل وسمكرة، وهي الادعاءات ذاتها التي كررها ريتشارد دوكنز وغيره من التطوريين في كتبهم بشكل أقل تفصيلًا.

وعلى النقيض يؤكد أصحاب نظرية التصميم الذكي والقائلين بالخلق المباشر أن كل عضو في أي نوع حي مصمم ليؤدي وظيفته بالشكل الأمثل، ويكذبون ادعاءات التطوريين.

ومن أشهر ما يدعي التطوريون وجود عيوب تصميمية فيه

العصب الحنجري الراجع ‏Recurrent laryngeal Nerve‏ ‏(RLN)

أحد أشهر الأمثلة وأكثرها شيوعًا للتصميم السيئ الذي يدعيه أنصار التطور هو العصب الحنجري الراجع (RLN)، الذي يتحكم في عضلات الحنجرة، ويربط الدماغ بالحنجرة فيسمح لنا بالكلام.

وفي كتابه "أخطاء جسم الإنسان" يدعي لنت Lents أن العصب الحنجري الراجع (RLN) للثدييات عمومًا سئ التصميم ومحير لأنه أطول بكثير من المطلوب، ويتجنب المسار المباشر بين الدماغ والحنجرة.


ويوجد فيديو شهير على اليوتيوب لأشهر التطوريين المعاصرين ريتشارد دوكنز مع ‏أخصائية تشريح بالكلية الملكية البيطرية بلندن عام 2009 وهي تقوم بتشريح زرافة لإظهار ‏كيف امتد هذا العصب من المخ نزولًا إلى القلب، ومن ثم عاد إلى الحنجرة مدعين أنه لو كان ‏قد نشأ نتيجة تصميم لما لف كل هذه اللفة التي تمتد لأمتار يرونها بلا فائدة، ولتوجه العصب ‏مباشرة إلى الحنجرة، ما يدل –في رأيهم- على سوء تصميم وتكيف ردئ.‏


وتشريح الزرافة لم يتم قبل ذلك إلا عام 1837 على يد عالم التشريح البريطاني العظيم ريتشارد أوين Richard Owen  مؤسس ‏متحف التاريخ الطبيعي بلندن وعدو دارون اللدود، لكن قطعًا لم يعط ريتشارد أوين أي دلالة تطورية لوجود ذلك العصب على النحو الذي وجده عليه. أساسًا وقتها لم ‏يكن دارون قد خرج علينا بنظريته.‏

كما أن هذا العصب رغم كونه رفيعًا جدًا، فليس التعرف عليه مستجدًا في تاريخ التشريح والطب، ويعتبر جالينيوس أول من ‏وصفه، كما وصفه الرازي وصفًا دقيقًا في كتاباته، وذكر أنه هو الذي يحدث ‏الصوت.‏

ويدعي دوكنز في كتابه "أعظم استعراض على ظهر الأرض" أن الطريق الأقصر بكثير إلى الحنجرة سيكون أكثر فعالية، وأن هذا العصب الذي ينزل عبر الحنجرة، ثم يلتف حول الشريان الأورطي بالقرب من القلب، ثم يعود إلى الحنجرة، يستحيل أن يكون نتاج تصميم، ومن المنطقي أن يكون ناشئًا عن تطورنا من الأسماك، فالتطوريون يعتقدون أن السلف الأقدم للإنسان من الحبليات هو السمكة.

وعليه فالسيناريو التطوري الذي وُضع لتفسير وجود العصب الحنجري الراجع على النحو الموجود في الإنسان يبدأ من السمكة؛ ففي الأسماك ينزل العصب ‏من رأس السمكة مباشرة –لأن السمكة ليس لها رقبة- ليغذي الخياشيم، وسبق أن تحدثنا في مقال "التطور وعلم الأجنة" عن افتراضات التطوريين عن الأقواس البلعومية في أجنة الثدييات التي يصرون على تسميتها بالخيشومية دلالة على السلف من الأسماك، ووفقًا لتصور التطوريين ‏فقد حدثت تعديلات كثيرة متتالية نشأت في إثرها الكائنات الأرقى من السمكة، والثدييات أثناء تطورها تمددت أعناقها، ولأنه قد نشأت لهم رئات بدلًا من الخياشيم، تحولت الخياشيم إلى أعضاء مفيدة أخرى مثل الغدد الدرقية والغدد جارات الدرقية وأجزاء من الحنجرة، وكان من نتاج ذلك أن الأوعية الدموية والأعصاب التي كانت تصل للخياشيم صارت تصل للحنجرة في رقبة الثدييات.

وادعى دوكنز أن استمرار تطور أسلاف الثدييات أكثر فأكثر بعيدًا عن أسلافهم السمكية جعل الأعصاب والأوعية الدموية مشدودة وممتدة في اتجاهات محيرة، فتوزعت في شكل أقرب للفوضى منه للنظام. وظهر ‏هذا الالتفاف للعصب الحنجري الراجع ‏RLN في الثدييات بشكل لا يراه مبررًا.

والحقيقة أنه لا يوجد دليل علمي يدعم هذا الادعاء "تحول الخياشيم إلى أشياء مفيدة مثل الغدة الدرقية والغدد جارات الدرقية وأجزاء من الحنجرة". ومعلوم كم هو قدر التباين بين الخلايا الخيشومية وخلايا الغدد الصماء تحديدًا، كما أن صدر وعنق الثدييات تتوزع فيهما أنظمة وظيفية معقدة، والفوضى ليس لها مكان سوى عقل دوكنز وأمثاله من التطوريين.

ومن يقرأ للتطوريين حول العصب (RLN) يتوهم أمرين لا أساس لهما من الصحة، وهما:

‏1-أن هذا العصب ليست له وظيفة سوى تغذية الحنجرة، ومع ذلك يلتف كل هذا الالتفاف.‏

‏2-الإيهام بعدم وجود عصب يصل مباشرة من المخ إلى الحنجرة، والذي يفترض التطوريون أنه ‏الشكل الأنسب والأكثر اقتصادًا.‏

فمن يقرأ لهم يحسب أن العصب الحنجري الراجع له فرع واحد وله وظيفة واحدة، وليس هناك أعصاب تصل الحنجرة غيره، وهو ما يحرص التطوريون عمومًا على تصويره للعامة، ومن الصحيح القول إنه "راجع" ولكن ربما كانت تسميته بـ "الحنجري" هي الخطأ الرئيسي لأنها تعطي انطباعًا عنه أنه مختص بالحنجرة ومع ذلك يلتف في طريق طويل بدلًا عن أن يذهب إليها مباشرة. كما لا يُفهم التطوريون العامة أن لهذا العصب الراجع فرعين أيسر وأيمن يصلان إلى الحنجرة، ودون إعطائهم فكرة عن التغذية العصبية المتعددة للحنجرة.

وما يريد التطوريون أن يصوروه للعامة أن العصب الراجع RLN كان ينبغي أن يتفرع من العصب الحائر مباشرة إلى الحنجرة، وأن هذا هو التصميم الأمثل، بينما تتغير النظرة تمامًا لدى من يتعرف على نشأة RLN الجنينية وتصميمه وتفرعاته، ووظائفه، والتشابك العصبي العظيم الذي يخلقه بين الأعضاء التي يعصبها والدماغ. وكيف يندمج تعصيب كل هذه الأعضاء والمخ ويؤثر في إخراج الكلام.

تصميم العصب الراجع والنمو الجنيني

إن كان لتصميم العصب الراجع الحنجري RLN علاقة بالتطور النمائي فإنما يرتبط بنمو جنين الإنسان، وقلب جنين الإنسان البسيط الذي يتكون في مرحلة مبكرة من تخليق الإنسان، وبعدها يتحرك نازلًا إلى موضعه في الصدر ويسحب معه حزمة العصب بفرعيه الأيسر والأيمن، من ثم فلا علاقة للأسماك بتكونه كما يدعي التطوريون.

"نتيجة للحركة الهبوطية "للقلب واختفاء الأجزاء المختلفة من أقواس الأبهر، يصبح مسار الأعصاب الحنجرية ‏الراجعة مختلفة على الجانبين الأيمن والأيسر".

“As a result of the downward movement “of the heart and the disappearance of the various portions of the aortic arches, the course of the recurrent laryngeal nerves becomes different on the right and left sides”.

Sadler, T.W., Langman’s Medical Embryology, 6th Edition, Williams & Wilkins, Philadelphia, PA, p. 211, 1990.

إن نشأة هذا العصب RLN هي جزء من خطة التكوين الجنيني لجنين الإنسان، وهذا العصب يعمل خلال مراحل نمو الجنين البشري. ‏ ويرجع تشابه  RLN في جميع الفقاريات، بما في ذلك الأسماك والثدييات، إلى تشابه الخطة العامة لنمو الأجنة وليس لأننا تطورنا من الأسماك، وسبق أن ناقشنا استدلالاتهم عن نمو الأجنة في مقال "التطور وعلم الأجنة".


وليس كل طريق ملتوٍ بالضرورة نتاج تصميم سئ أو تعديلًا لتصميم قديم. وأبسط مثال على ذلك السيارات ذات المحرك الأمامي والتي تتطلب نظام عادم طويل ومتعرج أسفل السيارة وهو ما يجعله أكثر عرضة للإصابة من العوائق بالطرقات من نظام العادم القصير للسيارات الخلفية، لكن مصممي السيارات يعلمون أن السيارات ذات المحرك الأمامي ونظام العادم الطويل هي التصميم الأفضل.

ما هو العصب الحنجري الراجع؟

العصب الحنجري الراجع RLN هو  فرع من العصب الحائر، يتفرع منه في منطقة الصدر.

ومعلوم أن العصب الحائر ‏Vagus nerve‏ (‏vagus‏ باللاتينية تعني المتجول أو المسافر) هو أحد الأعصاب الدماغية ‏الذي ينشأ في الدماغ ويطول مساره وتفرعاته حتى ينتهي في الجهاز الهضمي.

"ينتقل العصب الحائر من الرقبة إلى أسفل باتجاه القلب، ثم يتفرع العصب الحنجري الراجع من العصب الحائر أسفل الشريان الأورطى "الأبهر" (الشريان الرئيسي الكبير الذي يمتد لأعلى من البطين الأيسر للقلب ويمتد إلى أسفل البطن) . أخيرًا، تنتقل هذه الفروع صعودًا لتعصب العديد من الأعضاء، بعضها بالقرب من مكان تفرعها من العصب الحائر".

“The vagus nerve travels from the neck down toward the heart, and then the recurrent laryngeal nerve branches off from the vagus just below the aorta (the large, main artery extending upward from the left ventricle of the heart and extending down the abdomen). Last, these branches travel upward to innervate several organs, some near where it branches off of the vagus nerve.

Sadler, T.W., Langman’s Medical Embryology, 11th Edition, Williams & Wilkins, Philadelphia, PA, 2010.

ولهذا العصب الراجع فرعان يختلفان في مسارهما وفي طولهما.

"حصل العصب الحنجري الراجع (RLN) على اسمه من حقيقة أنه يلتف تحت الشريان الأورطي في طريقه إلى العضلات الجوهرية في الحنجرة.

يمر العصب الحنجري الراجع الأيسر أسفل الشريان الأورطي وحوله في طريقه إلى الحنجرة، بينما يمر العصب الحنجري الراجع الأيمن تحت وحول الشريان تحت الترقوة.

نظرًا لأن الشريان الأورطي أدنى من الشريان تحت الترقوة، فإن العصب الحنجري الراجع الأيسر أطول قليلاً من العصب الحنجري الراجع الأيمن."

“The recurrent laryngeal nerve gets its name from the fact that it loops below the aorta on its way to the intrinsic muscles of the larynx.

The left recurrent laryngeal nerve passes under and around the aorta on its way to the larynx, whereas the right recurrent laryngeal nerve passes under and around the subclavian artery.

Because the aorta is inferior to the subclavian artery, the left recurrent laryngeal nerve is a bit longer than the right recurrent laryngeal nerve.

ولنقرأ ما جاء في أحد أشهر كتب التشريح وهو كتاب "تشريح جراي Gray’s Anatomy"، عن العصب الحنجري الراجع (RLN):

"نظرًا لأن العصب الراجع يلف حول الشريان تحت الترقوة أو الشريان الأورطي، فإنه يعطي العديد من الخيوط القلبية إلى الجزء العميق من الضفيرة القلبية. عندما يصعد في العنق فإنه يعطي فروعًا، على الجانب الأيسر أكثر من الجانب الأيمن، إلى الغشاء المخاطي والغشاء العضلي للمريء؛ تتفرع إلى الغشاء المخاطي والألياف العضلية للقصبة الهوائية. وبعض الخيوط البلعومية للمضيق البلعومي السفلي".

“As the recurrent nerve hooks around the subclavian artery or aorta, it gives off several cardiac filaments to the deep part of the cardiac plexus. As it ascends in the neck it gives off branches, more numerous on the left than on the right side, to the mucous membrane and muscular coat of the esophagus; branches to the mucous membrane and muscular fibers of the trachea; and some pharyngeal filaments to the Constrictor pharyngis inferior.”

www.theodora.com/anatomy/the_vagus_nerve.html

وعليه فإن العصب الحنجري الراجع RLN‏ ‏المتفرع من العصب الحائر ليست وجهته الوحيدة هي الحنجرة، وليست وظيفته الوحيدة تغذيتها العصبية، ومع ذلك فقد تطاول والتف كثيرًا قبل أن يصل إليها، وفقًا للأكذوبة التطورية، فالحقيقة أن هذا العصب الحنجري الراجع RLN‏ ‏له وظائف أخرى بخلاف تغذية الحنجرة؛ إذ له تفرعاته وإمداداته لأجزاء من القلب (يعطي بعض الألياف التي تتصل بالضفيرة القلبية)، ‏كما يعصب عضلات القصبة الهوائية والأغشية المخاطية والمريء العلوي والبلعوم السفلي والبلعوم الحلقي. فالمسار ليس زائدًا عن الحاجة لأنه ببساطة لا يقتصر على الحنجرة.

وبصورة عامة فإن عملية "تعصيب الحنجرة larynx innervation" هي عملية في غاية التعقيد، وتفرعاتها كثيرة، وهناك أعصاب تعصبها بشكل مباشر وأخرى تعصبها بشكل غير مباشر، فإضافة إلى العصب الحنجري الراجع (RLN) بفرعيه الأيسر والأيمن، اللذين يغذيانها تغذية عصبية بعد أن هبطا أولًا إلى القلب، فإنه يوجد العصب الحنجري العلوي  Superior Laryngeal Nerve(SLN) The،  وهو أيضًا فرع من العصب الحائر يدخل الحنجرة من أعلى، ويتفرع بدوره إلى فرعين: العصب الحنجري الداخلي (الحسي) the internal laryngeal nerve (sensory)، وهو الذي يزود الغشاء المخاطي الحنجري بالألياف الحسية، والعصب الحنجري الخارجي (المحرك) the external laryngeal nerve (motor)، الذي يعصب العضلة الحلقيّة الدرقية the cricothyroid muscle. ويأخذ العصب الحنجري العلوي مسارًا مباشرًا أكثر.

وكل تفرع من هذه الأعصاب يقوم بوظيفة مختلفة تخص التحكم في خصيصة من خصائص الصوت، ولكنه يفيد إجمالًا في أنه طالما تتم تغذية عضلات الحنجرة بأعصاب متعددة فإن فقد وظيفة الكلام لا يحدث بتلف عصب واحد فقط من بينها، بل تتأثر إحدى الخصائص فقط كأن يصبح الصوت ضعيفًا أو أجشًا.

فخلاصة القول إنه لا هو يغذي الحنجرة وحدها، ولا هو مصدر التغذية العصبية الوحيدة للحنجرة!

ثم؛ أليس طبيعيًا أن يوجد عصب يربط الحنجرة وهي علبة الصوت لدى الإنسان –تحديدًا- بالقلب ‏والقصبة الهوائية والبلعوم؟ ضع في رأسك المطربين وقارييء القرآن كمثال لتعرف كيف يلزم ‏أن يكون هناك ارتباط.‏ كما أراد الله سبحانه وتعالى أن يصل علبة الصوت بالمخ والقلب معًا قبل أن يصل العصب ‏إلى الحنجرة، ولكن أكثر الناس لا يفهمون الدلالة.‏

وهناك متلازمة شهيرة تسمى متلازمة أورتنر (‏Ortner's syndrome‏) وهي متلازمة صوتية قلبية نادرة a rare cardiovocal  تشير إلى شلل العصب الحنجري الراجع (RLN) نتيجة مرض من أمراض القلب الوعائية. وبسبب انضغاط العصب الحنجري الراجع يمكن أن تحدث بحة في الصوت التي تعد بدورها ‏علامة على ضيق الصمام التاجي.‏

والأهم؛ أن هناك عيبًا خلقيًا نادرًا يحدث عند بعض البشر (0.3-6٪)، يُسمى (عصب الحنجرة غير الراجع أو اللادوراني) Non-recurrent laryngeal nerve (NRLN) يرتبط ببعض التشوهات الشريانية associated with some arterial abnormalities.

"العصب الحنجري غير الراجع (NRLN) هو نوع نادر من العصب الحنجري الراجع (RLN)  الذي يأخذ مسارًا شاذًا، ولا ينزل إلى القفص الصدري كما هو معتاد. ينشأ بشكل حصري تقريبًا على الجانب الأيمن، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتشوهات الوعائية للقوس الأبهر".


 “The Non-Recurrent Laryngeal Nerve (NRLN) is a rare variant of the Recurrent Laryngeal Nerve (RLN) that takes an aberrant course, not descending into the thorax as is usual. It arises almost exclusively on the right side and is closely associated with vascular anomalies of the aortic arch.”

 

"وجد أن NRLN تنشأ من العصب الحائر عند أو فوق الموصل الحنجري الرغامي في 58.3٪ وتحته في 41.7٪. ارتبط NRLN الأيمن بشريان تحت الترقوة شاذ في 86.7٪ من الحالات".

“The NRLN was found to originate from the vagus nerve at or above the laryngotracheal junction in 58.3% and below it in 41.7%. A right NRLN was associated with an aberrant subclavian artery in 86.7% of cases.

وكانت هناك حالات قليلة تم تسجيلها لحالة العصب غير الراجع (NRLN) في الجانب الأيسر.

كما وجد الباحثون أن هذه البنية التشريحية النادرة NRLN يمكن أن تؤدي في أغلب الأحيان إلى شلل الحبل الصوتي المؤقت أو الدائم. The NRLN is a rare structure, most often leading to temporary or permanent vocal cord paralysis  وذلك كمضاعفات في الأعصاب أثناء وبعد جراحات الغدة الدرقية والغدد جارات الدرقية، وتسبب ضررًا إذا لم يتم ملاحظة وجود الحالة في الوقت المناسب.

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC5363258/

من ثم فقصر هذا العصب الراجع وربطه بين المخ والحنجرة مباشرة دون اللفة التي تذهب به أولًا إلى القلب، والتي يعتبرها التطوريون التصميم المثالي كان سيعتبر عيبًا تصميميًا لو كان هو التصميم الأساسي! ‏فسبحان الخالق العظيم.

وكنت قد قرأت منذ سنوات في أحد المراجع أن عصب الحنجرة الراجع ‏(RLN)‏ يمثل دعامة هامة في تكوين قوس الأورطى وما حوله أثناء التكوين ‏الجنيني.‏ ولعل في هذا تفسيرًا للشذوذ الشرياني في الحالات التي لم تتكون فيها تلك اللفة الدورانية.

القناة الناقلة للمني (قناة الأسهر) Vas deferens

القناة الناقلة للمني (الأسهر) هي جزء من الجهاز التناسلي الذكري في الإنسان. والأسهر هو القناة التي يسلكها المني لدى خروجه من الخصية إلى القضيب للتلقيح، ولكنها تلتف داخل الجسم حول الحالب ما يزيد من طولها.

وهي أحد الأعضاء التي طالتها ادعاءات ريتشارد دوكنز عن سوء التصميم ردًا على منظري التصميم الذكي مناهضي التطور. والادعاء حولها هو ذاته الادعاء عن العصب الراجع، فيدعي دوكنز أن أي مصمم ذكي لم يكن ليصمم القناة بهذا الطول وهذا الالتفاف بينما يمكن أن تصل وجهتها من طريق أقصر، فالقناة لا بد أن تكون قصيرة غير ملتفة لو كانت مصممة ابتداءً لتناسب جسم الإنسان، وهذا الانعطاف دال على سوء تصميم! وهو تقييم سطحي معتاد من دوكنز!

ويدعي دوكنز أن تركيبها الذي هي عليه يرجع أيضًا للسلف السمكة ثم باقي الأسلاف التي تفرعت عنه، فلأن الغدد الجنسية في الأسماك قريبة من القلب، فالمفترض أن الخصيتين في سلف الإنسان الأحدث كانتا في موضع أعلى من موضعهما الحالي، في مكان موازٍ للكليتين كما في الأسماك، ثم وبما أنهم يتحدثون عن أسلافهم الذين يفترضونهم من ذوات الأربع وعمودهم الفقري ليس رأسيًا، فهم يعتقدون أنه لما انتصبت قامتهم تحركت الخصيتان إلى خارج الجسم حفاظًا على درجة حرارة الحيوانات المنوية فجاءت تلك القناة على النحو الذي يرونه معيبًا، حيث تلتف التفافًا زائدًا دون فائدة؛ ما يسبب مشاكل صحية للذكور.

فهل فعلًا ستكون هناك ميزة في تقصير هذه القناة؟!

الحقيقة أن القناة مصممة بشكل ممتاز لتأدية وظيفتها. ومن المعروف أن الخصيتين تقعان خارج الجسم للحفاظ عليهما وعلى مخزون الحييمينات بهما في درجة حرارة أقل من درجة حرارة الجسم بدرجتين، ولكن المني المتكون –وكما شاءت حكمة الله جلت قدرته- لا بد أن ينتقل إلى داخل جسم الرجل في قناة داخلية طولها حوالي 30 سم –المسماة بالأسهر- لأن الحييمينات بحاجة إلى اكتساب الحرارة اللازمة قبل الانتقال إلى جسم الأنثى.

وأحد الأسباب هو أن السائل المنوي يتكون في الواقع من عدة "مكونات"، بعضها يجب أن يُضاف بواسطة غدد مختلفة تقع على طول مجرى القذف والإحليل. وتشمل هذه الحويصلات المنوية وغدة البروستاتا وغدة كوبر / الغدة البصلية الإحليلية. فقط بعد أن يكون كل هؤلاء قد قدموا مساهمتهم يكون الناتج النهائي للسائل المنوي جاهزًا لغرضه.

“One reason is that semen is actually composed of several ‘ingredients’, some of which must be added by various glands, which sit along the way of the ejaculatory duct and urethra. These include the seminal vesicles, the prostate gland and Cowper’s gland/the bulbourethral gland. Only after all these have made their contribution is the final product of semen ready for its purpose‏.‏

Niekerk, E. van.Vas deferens—refuting ‘bad designarguments. JOURNAL OF CREATION 26(3) 2012.

 فلو كانت القناة قصيرة لما اكتسبت الحييمينات الحرارة والتغذية ولما خلطت مكونات السائل، وهي عوامل لازمة لإحداث التلقيح.

إضافة لذلك فإن طول القناة لازم لزيادة عدد الحييمينات، وإلا فاحتمالات العقم أكبر من احتمالات التخصيب.

أمر آخر، فكما ذكرنا في الرد على شبهة سوء تصميم العصب الراجع فتصميم هذه القناة يرجع إلى مراحل نمو الجنين، وسبق أن شرحنا كيف ينمو الحهاز التناسلي الذكري –ومن ضمنه قناة الأسهر- من قناة وولف بعد تثبيط نمو قناة مولر، عند الرد على شبهة "حلمات الثدي عند الرجال"، فكيس الصفن -وفقًا لخطة النمو- يتحرك بعيدًا ساحبًا معه الخصية أثناء النمو الجنيني لذكر الإنسان، وهذا سبب طول قناة الأسهر، ولا علاقة له بالتطور الدارويني.

العين البشرية

كانت العين تحديدًا أحد أهم التراكيب التي أرقت دارون، وذكرها في فصل "صعوبات النظرية" في كتابه كمثال على تعقد أعضاء الأنواع الحية التي يصعب تفسير تكونها عن طريق تراكم الصدف العشوائية التي تنتخب الطبيعة من بينها، ولكنه عاد ورأى أنها يمكن أن تتطور بالانتخاب الطبيعي! وهنا لا بد أن نقر أن دارون نفسه لم يكن له قدر التبجح الذي يتمتع به التطوريون اليوم؛ الذين يدعون أن العين معيبة التصميم!


ووفقًا للتطوريين فإن: بنية العين البشرية تظهر بأنها مصمّمة بشكل معيب؛ فالشبكية مبنيّة بالمقلوب والصورة تتكون معكوسة، ويجب على فوتونات الضوء أن تنتقل عبر الخلايا العصبية والشعيرات الدموية قبل أن تصل إلى المستقبلات (العصي والمخاريط) التي تحوّل الإشارات الضوئية إلى نبضات عصبيّة، والتي بدورها تذهب إلى القشرة البصرية في الفص القذالي في مؤخرة الدماغ لتحويلها إلى صورة يمكن لنا إدراكها.

ويزيدون بأنه لو كنا نريد للرؤية أن تكون ممتازة، لماذا سيقوم مصمّم ذكي ببناء العين بطريقة مقلوبة ومعكوسة ومعقدة كهذه؟ بينما يمكن فهم أسباب وجود هذا التركيب فقط إن كان الانتخاب الطبيعي بنى العين من خلال المواد المتوافرة سابقًا، من الخلايا الموروثة من الأنواع السلفية. ويدعي دوكنز وغيره أن العين تثبت بأن وجودها تمّ عن طريق التطوّر من بنية سابقة لا عن طريق التصميم الذكي من الصفر"!

فباختصار يرى التطوريون العين البشرية معيبة جدًا لأنها:

1-معقدة! والخلايا غير موزعة ومرتبة على نحو ذكي وفقًا لرؤيتهم.

2-تكون الصورة مقلوبة ثم يقوم المخ بإعادة ضبط اتجاهها، وكان الأولى من وجهة نظرهم أن تكون الصورة معدولة من البداية، وهم بهذا يتجاهلون أن مركز الرؤية في المخ هو جزء من نظام الإبصار لأن المفترض ألا نرى فقط بل أن ندرك ما رأينا، وطالما أن الجزء المسئول عن الإدراك البصري يدرك الصور بشكل سليم فكيف يُدّعى وجود عيب؟! أم أن وجود المخ في حد ذاته عيب؟!

ويروي التطوريون سيناريو تخيليًا عن تطور العين، ويدعون أنه لا زال موجودًا في المخلوقات إلى اليوم من خلال تنوع تصاميم العين في الأنواع الحية! تلك التصاميم المتنوعة ذاتها التي أقر دارون أنها تجعل الاعتقاد بإمكانية تطور العين أمر يستعصي على التخيل، ولعل هذه واحدة من أكبر تحايلات التطوريين المعاصرين؛ فهم يستدلون بوجود العيون في الأنواع الحية البسيطة على كون أنظمة الرؤية بها مناظرة ومشابهة لعيون الأنواع السلفية المفترضة وفقًا للنظرية، وذلك بدلًا من تفسير نشأة كل هذه التصاميم وأنظمة الرؤية في الأنواع الحية والتي لا تشبه بعضها إطلاقًا ويستحيل أن يجدوا نموذجًا تفسيريًا حقيقيًا يفسر تنوعها.

لقد كانت العين والقدرة على الإبصار من العقبات الرئيسية أمام النظرية في زمن دارون، وستبقى إلى أبد الدهر التكيفات التي حبا الله سبحانه وتعالى كل نوع حي للإبصار على تنوعها شوكة في حلق التطوريين، فما بين عيون لها جفن إضافي شفاف للوقاية كعيني الحمام الزاجل، وعيون لها رموش طويلة للحماية من الرمال كعيون الجمل، وعيون قوية ذات سمك شبكية مذهل كعيني الصقر الذي يلمح فريسته من على بعد أكثر من 2.5 كم، وعيون ترى الأشعة فوق البنفسجية كعين النحل وعين الحرباء، وأخرى ترى الأشعة تحت الحمراء كعين البومة، وعيون لا تميز الألوان من الأساس كعيني اليعسوب، وعيون تستشعر الضوء فقط للتمييز بينه وبين الظلام كما في النمل، وعيون حساسة للضوء بدرجة مذهلة بحيث تتكيف للرؤية الليلية كعيون قرد تارسير الصغير آكل اللحوم وعيون القطط والبوم، في حين تفتقد القدرة على تمييز الألوان بالنهار، وبعضها يمكنها الرؤية الليلية وتمييز الألوان في الليل أيضًا مثل عين الوزغ ذي الذيل الورقي. وعين السمكة ذات الأربعة عيون حيث كل عين من عينيها مجهزة للرؤية فوق وتحت الماء! وعيون لا ترى الأشياء والأجسام الساكنة كعيني الضفدع.

وعيون تكاد أن تملأ الرأس ومجال رؤيتها 360 درجة كعيني اليعسوب ولكنها لا ترى الألوان، وعين قطرها 30 سم كعين الحبار العملاق كي تمكنه من الصيد في عمق 2كم تحت الماء، وأخرى صغيرة ليست أكثر من فتحة صغيرة، ونوع من الجمبري بلا عينين (القريدس الأعمى) يستخدم المستشعرات لتلمس طريقه، وعيون لها غطاء سواء غطاء جلدى للحماية كعيون جرذ الخلد الحفّار والثعابين الحفّارة، أو يغطيها جفنها تمامًا ولا يترك غير منفذ صغير للضوء مثل عيون الحرباء التي بإمكانها أن تدير كل منهما في اتجاه يختلف عن العين الأخرى.




فالثابت هو وجود تفاوت مذهل في تركيب وأنظمة وقدرات الإبصار بين الأنواع الحية، والذي لا يمكن ترتيبه بأي شكل على شجرة التطور المزعومة، فهو لا يتوافق مع أي شيء بخلاف تحقيق أفضل تكيف للنوع مع بيئته، مما لن يجد له التطوريون أي تفسير سوى أن التطور يسير كما يحلو له أمامًا وخلفًا، وهذا النوع اكتسب هذه الميزة ثم اختفت من النوع الذي تطور عنه، ثم وُجدت الميزة في نوع آخر بعيد تمامًا في شجرة التطور، فهذا له عين مركبة، وذاك له عين بسيطة، واكتسب هذا النوع قدرة هائلة على تمييز الألوان وذاك يميزها تمييز بسيط، وهذا لا يميزها، وهذا عينه كذا وذاك عينه كذا، والتطور عشوائي فرضياته قائمة على الخيال الواسع ولا مشكلة في افتراض أي شيء.

السيناريو التطوري لتطور العين

لا يختلف سيناريو تطور العين عن باقي سيناريوهاتهم، فهو يبدأ بخلق معلومات وراثية في الجينوم وزيادتها تدريجيًا من خلال الطفرات، وقيام الانتخاب الطبيعي بانتقاء الصفات الأفضل، وعليه فقد تراكمت التحسينات وتكونت بنى للعيون أكثر تقدمًا شيئًا فشيئًا وأكثر ملاءمة للبيئة، عززت فرص الأنواع الحية في البقاء. وغالبًا فإن فرضية التطور المتقارب للعيون المتشابهة البعيدة تمامًا في شجرة التطور هي السائدة فكأن كل حيوان أو مجموعة من الحيوانات طورت عيونها بمعزل، كما أن لفرضية التطور عن طريق قفزات مكانها الواضح في السيناريو لتفسير البنى المعقدة التي تختلف في عيون الأنواع عن عيون أسلافها المدعاة.

علمًا بأن وظيفة الرؤية تتطلب معلومات جينية مهولة، وهناك تقديرات بأن شبكية العين لدى الفقاريات يعمل على بنيتها ووظيفتها حوالي 7500 جين! فمن أين جاءت الطفرات بكل هذه المعلومات الوظيفية؟!

والشكل التالي يشمل أحدث تقسيم للمراحل الست الرئيسية لتطور العين بدءًا من خلية/خلايا حساسة للضوء ‏photosensitive cell وصولًا لتكون جميع تراكيب العين بما فيها عضلات تسمح للعدسة بالتكيف.

ويُلاحظ أن الألياف العصبية وفقًا لهذه المراحل تظهر من المرحلة الأولى، بينما كان العصب البصري يظهر بدءًا من المرحلة الثالثة قديمًا.

وهذا السيناريو المكرر للتحسينات التي تدخلها الطفرات وتنتقيها الطبيعة، وإن كان ليس عليه دليل كما ذكرنا مرارًا لأن الطفرات لا تخلق معلومات وراثية بل تفسد المعلومات الوراثية أو تحذف منها أو تغير التعبير الجيني لا أكثر، ولكن مع العين فالسيناريو أكثر من فاشل لأسباب يطول حصرها، وسأحاول أن أجمع أهمها:

-         تعتبر العين من أفضل الأمثلة على التعقيد غير القابل للاختزال، فأجزاء العين ليس لأي منها أي وظيفة منفصلة، وجميعها تتكامل في وقت واحد لأداء وظيفة الرؤية، وفشل أو عطب أي منها يؤثر أو يعطل أداء الوظيفة. ولا بد من شرح كيف ظهرت وتطورت العدسة والقرنية والشبكية والغدد الدمعية والفص القذالي بالمخ والعصب البصري وسوائل العين وعضلات العين وغيرها، وكيف تكاملت وترتبت معًا كوحدة متكاملة (العين) لتحقيق وظيفة الرؤية.

-         تعتبر العين أكبر مثال على التنوع في عالم الحيوان، فهناك تصاميم يصعب حصرها، وعلى الأقل 11 نظام للرؤية وإنتاج الصور لتتلاءم مع البيئات المتنوعة وظروف حياة الأنواع، وأي مرحلة وسيطة مفترضة بين نظامين للرؤية من بين الأنظمة الوظيفية ستعطي نظامًا أسوأ أو لا يعمل فلماذا أبقاها الانتخاب الطبيعي؟!

-         العيون لا تتحجر جيدًا، ومع ذلك فجميع العيون التي حفظها السجل الأحفوري هي عيوان معقدة تمامًا، والأدهى أن أنظمة الرؤية المتقدمة ظهرت في بداية السجل الأحفوري، فعين ثلاثية الفصوص ‏trilobite، هي أقدم عين في السجل الأحفوري، وهي عين مركبة معقدة للغاية تعود إلى الانفجار الكمبري، ويرجع تاريخها إلى ‏حوالي 540 مليون سنة، وشهد الانفجار الكمبري ظهور جميع الشعب الحديثة بسرعة وجميعها مجهزة بأعين معقدة، وعليه فليس لدى التطوريين دليل على مسار التطور المزعوم للعين الذي بدأ من خلية أو مجموعة خلايا حساسة للضوء سواء في العالم الطبيعي أو الأحفوري.

-         تنوع العيون لا يختص فقط بتصاميمها وأنظمة الرؤية بها، فعيون الشعب الحيوانية الثلاث الرئيسية (الفقاريات والمفصليات والرخويات) تنشأ من أنسجة مختلفة، ورغم ذلك فعيون العديد من الرخويات، ومنها رأسيات الأرجل كالأخطبوط، يشبه تركيبها عيون الفقاريات، فلعين الأخطبوط التراكيب ذاتها (قرنية وعدسة وقزحية وشبكية)، ومع ذلك فالشبكية لدى الأخطبوط في وضع معاكس لوضع الشبكية لدى الإنسان، وهو ما يستدل به التطوريون على أن تصميم عين الأخطبوط هو التصميم المثالي مقارنة بتصميم عين الإنسان المعيب بزعمهم! ومع ذلك يستحيل إرجاع مسار تطور عيني الإنسان والأخطبوط إلى سلف مشترك، ولا حل لدى التطوريين سوى التطور الأفقي المتقارب.

-         سمات عيون الفقاريات متشابهة رغم الفروق الواسعة في بيئاتها وتكيفاتها، ولا توجد أي عين يمكن أن توصف بالبسيطة، فعين السمكة لا تقل تعقيدًا عن عين الطائر وعين الإنسان. بالرغم من ذلك فعيون الفقاريات التي يفترض التطوريون أنها تطورت من بعضها البعض تنمو من  مجموعة متنوعة من المصادر الجنينية!

-         عيون اللا فقاريات تتفوق في بعض السمات على عيون الفقاريات بما فيها الرئيسيات، فعيون الحشرات نصف الكروية تنتج صورة خالية إلى حد كبير من التشويه ‏الكروي. وبينما يمكن للعين البشرية تسجيل ما يصل إلى 60 صورة في ‏الثانية، يمكن للنحلة تسجيل حوالي 300 في الثانية.‏

-         الادعاء بوجود أشكال انتقالية للعيون في الجمبري ادعاء كاذب، وهناك أنواع من الجمبري لديها عين بسيطة وعين مركبة، وهذا في حد ذاته نوع ثالث نادر من العيون، كما أن هناك نوع يستخدم المستشعرات لتلمس طريقه‏.

-         عدد الألياف النخاعية ‏myelinated fibres‏ في العصب البصري لا يرتبط مطلقًا بتعقد الأنواع.

-         توجد في الشبكية نوعان من الخلايا المستقبلة؛ العُصي والمخاريط، للرؤية باللونين الأبيض والأسود والرؤية الملونة، وهذه الخلايا تتنوع بين الأنواع الحية، ولا ترتبط بتعقد الأنواع ولا موقعها على شجرة التطور، فإن كان الإنسان لديه ثلاثة مخاريط لتمييز الألوان (أزرق وأخضر وأحمر)، والرودبسين لتمييز الأبيض والأسود، فالطيور لديها 4 مخاريط (3+ مخروط إضافي بنفسجي)، لذا فرؤية الطيور ملونة للغاية وعالمها المرئي أجمل وأزهى من عالمنا، إضافة إلى أنها ترى الأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء، كما أن لديها إضافة إلى الرودبسين جزئ آخر مستقبل للضوء.

-         لا يرتبط حجم العين وعدد الخلايا البصرية بتصنيف النوع بأي شكل من الأشكال.

-         لم يحاول التطوريون وضع أي نموذج تفسيري لتطور محاجر العين التي تستقر فيها كرة العين في الجمجمة، ولا تكون ثقب الجمجمة الذي يمر فيه العصب البصري.

-         لم يفسر التطوريون تطور تطابق الصورة المتجمعة من عينين، وكيف كانت الفقاريات ترى قبل حدوث هذا التطابق وتكون صورة واحدة.

فهل عين الإنسان معيبة التصميم؟!

وبعد أن راجعنا سويًا سفاهة الطرح التطوري بخصوص تطور العين الذي يتعاكس تمامًا مع ما نراه في العالم الطبيعي والسجل الأحفوري، نعود إلى ادعاء دوكنز بخصوص العين البشرية تحديدًا، فنقول:

-         عين الإنسان تحديدًا هي نظام معقد مهندس بدقة عليم خبير، وبه من تناسق عناصر الهندسة البصرية والميكانيكية والكيميائية الحيوية ‏ما لا ينكره إلا جاحد.

-         تركيب العين البشرية منظم للغاية، وأجزاؤها وخلاياها مرتبة في مواضعها بدقة ليقوم كل منها بدوره في تحقيق وظيفة الرؤية، وبها آليات ميكانيكية متآزرة، وآليات بيوكيميائية متوازنة، وذلك لعمل جميع أجزائها، على سبيل المثال تعتمد القرنية على كمية كافية من السوائل المتخصصة.

-         لعين الإنسان قدرة عظيمة على التحكم في كمية الضوء الداخلة إلى العين، وعلى ضبط الرؤية مع اختلاف المسافات بينها وبين الجسم المرئي. وكي تتكون الصورة على الشبكية لابد من أن ينكسر الضوء بالعدسة والقرنية الشفافة في عملية محسوبة بدقة بالغة.

-         لعين الإنسان أشكال إضافية من الحماية من العوامل البيئية الأخرى بخلاف الضوء مثل الجفون وجهاز الدموع.

-         رؤية البشر المحيطية تتمثل في الكشف عن الضوء والحركة، والتي تؤدي إلى رد فعل التثبيت لتحويل العينين نحو المنبه. ربما تبدو قدرات البشر الحسية أقل من مثيلاتها لدى بعض الحيوانات ولكنها في الحقيقة تساعد الإنسان على تركيز انتباهه نحو المثيرات الهامة والانتباه لها لمساعدة المخ على إدراكها.

-         استخفاف دوكنز بتنظيم خلايا الشبكية لأن شبكية أعين الفقاريات مقلوبة، على العكس من شبكية أعين رأسيات الأرجل، رغم تشابه تركيب العين يدل على جهل، لأن الشبكية في حد ذاتها هي نظام شديد التعقيد؛ إذ تحتوي خلايا بصرية يقدر عددها بأكثر من مائة مليون خلية، تنقسم إلى عصي للرؤية غير الملونة ومخاريط للرؤية الملونة وخلايا عقدية حساسة لضوء الشمس، ولها نظام تراص يجعلها تكون الصور بكفاءة شديدة وفي الوقت ذاته يحافظ على المستقبلات الضوئية.

ووضع المستقبلات الضوئية في شبكية عين الإنسان ‏placement of the retina photoreceptors ، والذي يكون خلفيًا يبتعد عن مصدر الضوء، لأن العصي والمخاريط يجب أن تتفاعل مع الخلايا الطلائية الصبغية للشبكية (RPE) retinal pigment epithelial cells ، ‏ والتي توجد في الجزء الخلفي من عين البشر. وهذه الخلايا RPE هي التي توفر العناصر الغذائية والأكسجين لخلايا الشبكية، وتقوم بإعادة تدوير الصبغات الضوئية وتمتص طبقتها المعتمة الضوء الزائد. وأي ترتيب آخر لن يكون فعالًا ووظيفيًا.


وهذا الترتيب لدى الإنسان يقوم بترشيح الضوء وتصفية ‏الضوء الشارد، من خلال لوحة الألياف ‏البصرية التي تضم خلايا مولر الدبقية. ويؤدي لزيادة حدة الصورة، وفصل ‏الألوان لتحسين الرؤية النهارية دون الإضرار بالرؤية الليلية.

وقد أظهرت إحدى الدراسات أن العدد الإجمالي للخلايا الطلائية الصبغية لشبكية العين في الإنسان 3,556,290،±   490,700 (متوسط ​​± SD ؛ من 2,130,500 إلى 4,653,200)، وكان العدد مرتبطًا بشكل إيجابي بعدد العصي والمخاريط، والمساحة الإجمالية للشبكية، وحجم القرص البصري، وكثافة الخلايا الطلائية الصبغية للشبكية، لكنها كانت مستقلة عن الجنس.

“Total number of the retinal pigment epithelial cells was 3,556,290 ± 490,700 (mean ± S.D.; range, 2,130,500 to 4,653,200), and it was positively correlated with the number of rods and cones, the total area of the retina, the optic disk size, and the retinal pigment epithelial cell density but was independent of gender.

https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S0002939414705835

والمقارنة التطورية التي تقارن ترتيب خلايا الشبكية في عيني الإنسان والأخطبوط، باعتبار أن التصميم في الأخطبوط هو التصميم المثالي هي مقارنة تفشل في رؤية الفروق البيئية بين النوعين وتكيف العين لهذه الفروق. فالمستقبلات الضوئية في عين الأخطبوط توجد في مقدمة شبكية العين، ووضع RPE‏ لدى الأخطبوط على جانبي العصي والمخاريط وليس في الجزء الخلفي من العين، لأن عين الأخطبوط تعمل في عالم شديد الظلمة يلزمها جمع أكبر قدر من الضوء، والوضع مختلف تمامًا في حال الإنسان.

الجيوب الأنفية لدى الإنسان

تؤدي فتحتا الأنف إلى التجويف الأنفي المبطن بالأغشية المخاطية والأهداب والشعيرات ‏الدموية.


وخلال التكوين الجنيني لعدد كبير من الثدييات، من بينها الإنسان، وجميع الطيور، والتماسيح، تتكون كهوف (تجاويف) مزدوجة داخل عظام الوجه والجمجمة، متصلة بالتجويف الأنفي، تُسمى بالجيوب الأنفية أو الجيوب جانب الأنفية (‏Paranasal sinuses‏). تمتلئ هذه الكهوف بالهواء، ولاتصالها بالتجويف الأنفي عبر فتحات خاصة فهي مبطنة أيضًا بالغشاء المخاطي.

وتوجد لدى البشر أربعة من الجيوب الأنفية، تُسمى بحسب العظام التي تحيطها في الجمجمة. وهذه الجيوب هي الجيب الفكي العلوي maxillary، والجيب الجبهي الأمامي frontal، والجيب الوتدي sphenoid، والجيب الغربالي ethmoid. وأماكنها كما في الصورة المرفقة.

تقع الجيوب الأنفية الفكية تحت العينين، والجيوب الجبهية الأمامية فوق العينين، والجيوب الغربالية بين العينين، والجيوب الوتدية خلف العينين.

“The maxillary sinuses are located under the eyes; the frontal sinuses are above the eyes; the ethmoidal sinuses are between the eyes and the sphenoidal sinuses are behind the eyes.

"الجيوب الأنفية عبارة عن مساحات مملوءة بالهواء تقع داخل عظام الجمجمة وعظام الوجه. تتمحور ‏حول تجويف الأنف ولها وظائف مختلفة، بما في ذلك تخفيف وزن الرأس، وترطيب وتدفئة الهواء ‏المستنشق، وزيادة صدى الكلام، وتعمل كمنطقة تجعد لحماية الهياكل الحيوية في حالة إصابة الوجه. تم ‏التعرف على أربع مجموعات من الجيوب الأنفية المزدوجة: الفكي العلوي، والجبهي، والوتدي، والغربالي.‏"

“The paranasal sinuses are air-filled spaces located within the bones of the skull and facial bones. They are centered on the nasal cavity and have various functions, including lightening the weight of the head, humidifying and heating inhaled air, increasing the resonance of speech, and serving as a crumple zone to protect vital structures in the event of facial trauma. Four sets of paired sinuses are recognized: maxillary, frontal, sphenoid, and ethmoid”.

https://emedicine.medscape.com/article/1899145-overview

وهذه الجيوب مصممة لتحيط تجويف الأنف بالكامل، وتوزيعها في عظام وجه البشر وإنقاصها الوزن النسبي لهذه العظام يسمح لعضلات وجه الإنسان بالحركة وتشكيل التعبيرات الوجهية، وتزيد من رنين الصوت.

وعندما يكون الإنسان معافى تسمح الفتحات التي تربط هذه الجيوب بتجويف الأنف بطرح المخاط الخفيف والإفرازات من الجيوب عبر فتحتي الأنف، وتسمح كذلك بتهوية الجيوب. لكن عندما يُزكم أنف الإنسان تتورم البطانة الأنفية وتصبح هذه الفتحات مسدودة نسبيًا لا تصرف المخاط بسهولة فتلتهب الجيوب الأنفية. وقد يحدث التهاب الجيوب الأنفية لأسباب تحسسية. وعندما تنسد هذه الجيوب ويتجمع فيها السائل المخاطي تسبب ألمًا في الوجه، وقد يصبح التهاب الجيوب الأنفية مزمنًا لدى بعض الأشخاص.

ويعتبر التطوريون الجيوب الأنفية أيضًا من شواهدهم التاريخية لأنها عيب بقي في مسيرتنا ‏التطورية الزاخرة!‏ خاصة الجيوب الأنفية الفكية المقلوبة رأسًا على عقب upside-down maxillary nasal sinuses!

والجيبان الفكيان هما أهم الجيوب الأنفية وأكبرها لدى الإنسان، وسعة الواحد منهما في الإنسان البالغ نحو 10 سم مكعب، ويوجدان لدى الإنسان منذ الميلاد، ويقعان فوق الأسنان، كل واحد منهما على جانب من جانبي الأنف، ولهما دور أساسي في عملية التنفس وحاسة الشم، وهما يفتحان لأعلى في سقف الأنف، وهو ما يعتبره التطوريون عيبًا تصميميًا كبيرًا، لأنه يزيد من مشكلة تصريف الإفرازات منهما عند حدوث الالتهاب، ويرجعونه كعادتهم إلى أسلاف الإنسان المفترضين ذوي الأربع، لأن وضعية الرأس لديهم كانت أفقية كامتداد للجسم، ومن ثم ‏فإن فتحة التصريف لم تكن لأعلى بل كانت للأمام، فلما انتصبت قامة الإنسان حدثت ‏المشكلة.‏

وهذا التفسير معيب لسببين:

·   ركز التفسير التطوري على فتحتيّ التصريف في الجيبين الأنفيين الفكيين فقط وتجاهل باقي الجيوب، بينما‏ الجيبان الجبهيان على سبيل المثال: يفتحان في تجويف الأنف لدى الإنسان بفتحتين إلى أسفل. ووفقًا ‏للتصور التطوري لوضعية الرأس لدى تلك الأسلاف فإن وجود فتحتيّ الجيبين الجبهيين لدينا لأسفل يعني أنهما ‏كانتا لدى تلك الأسلاف المزعومة يفتحان للخلف!

·     
الأهم، أن الاستدلال التطوري بأكمله لا يصح لأنه يفترض أن الوجه اعوجت وضعيته مع تغير اتجاه ‏العمود الفقري! في حين أنه مهما كان وضع العمود الفقري رأسيًا أو أفقيًا فالوجه إلى الأمام.‏

إن نظام تصريف الجيوب الأنفية الأربعة يتغاير ما بين أن يفتح لأعلى أو لأسفل بحيث يسمح للإنسان بالتنفس بشكل جيد مهما كانت وضعية جسمه ووضعية الرأس بالتبعية، فوضعية تصريف الجيوب الأنفية تختلف عندما يقف الشخص في وضع مستقيم، وعند الاستلقاء.

وتموضع فتحتي الجيبين الفكيين في أعلى الأنف يجعلهما يمتلآن من هواء الشهيق وليس هواء الزفير لأن اتجاه انتشار هواء الشهيق النقي يختلف عن اتجاه خروج هواء الزفير، فهواء الشهيق يتحرك جهة السقف الأنفي، ليمر على الخلايا الحسية في البطانة العلوية للأنف والمتصلة بالعصب الشمي، ويعبر هواء الشهيق إلى الجيبين الفكيين لتتم تدفئته فيهما قبل أن يعبر من الأنف إلى باقي الممرات التنفسية، بينما يخرج هواء الزفير عبر مجرى ‏التنفس السفلي الخالي من النهايات الحسية الشمية‏ ولا يمر على الجيبين الفكيين.

فالشكل الذي عليه الجيبان الفكيان وحجمهما الكبير واتجاه فتحتيهما يساعد على استمرار تهويتهما وامتلائهما بالهواء النقي، ولا يقلل من أهمية هذا التموضع صعوبة تصريف وتراكم الإفرازات عند المرض. كما أنه رغم أن أسباب التهاب الجيوب الأنفية المزمن لدى كثير من البشر لا زال محل دراسة ‏إلا أن الثابت حتى الآن أن الجيوب الأنفية تلتهب بالتبعية لالتهاب ومرض يصيب الأعضاء ‏المجاورة لها كالأنف -بالدرجة الأولى- والأسنان، ولا يمكن أن تكون الجيوب هي المصدر ‏الأساسي للمرض.‏

كما أنه من الملاحظ تنوع العظام التي تحتوي الجيوب في الأنواع الحية المختلفة، وهو ما لا يتفق مع فرضية السلف المشترك التطورية.

نقطة أخرى هامة، وهي أن الجيوب الأنفية لا توجد في جميع الأنواع الحية والمنقرضة، ولا توجد في أغلب الزواحف؛ حيث توجد في جماجم التماسيح والديناصورات غير الطيرية وحسب.


ويقسم التطوريون السلويات إلى فرعين أحدهما نشأ عنه الصوروبسيدا (سحليات الوجه)، والآخر هو مندمجات الأقواس، ونشأ عنه الثيرابسيدا (وحشيات الوجه) (مندمجات ‏الأقواس المتقدمة).

 

وتشمل الصوروبسيدا جميع الزواحف والطيور الحية وأسلافها المنقرضة، ومن ‏ضمنها ‏الديناصورات. أما الثيرابسيدا ‏فيعتبرونها أسلاف الثدييات المباشرة.‏

وبينما توجد الجيوب الأنفية في أغلب الثدييات، فهي مفقودة في الثيرابسيدا Therapsiden!


ولا توجد الجيوب الأنفية في الحفريات التي يدعي التطوريون أنها لديناصورات طيرية، والتي يفترضونها أسلافًا للطيور، بينما توجد الجيوب الأنفية في حفريات الديناصورات الأرضية وتوجد لدى الطيور، فكيف ولماذا اختفت في الحلقة الوسيطة المفترضة بينهما!

الهيكل العظمي للإنسان (العمود الفقري خاصة)


يعتبر العمود الفقري Columna vertebralis مميزًا لمجموعة كبيرة من الأنواع الحية الفقارية (الأسماك- البرمائيات- الزواحف- الطيور- الثدييات)، وهو الذي يعطي لكل نوع حي شكله وهيئته التي يُعرف بها؛ حيث يقسم الجسم إلى أجزائه المعروفة، وترتبط به وتكسوه عضلات الجسم الهيكلية (اللحم).

ويتكون العمود الفقري للإنسان من سلسلة من قطع عظمية تترتب فوق بعضها، تُسمى الفقرات، وتختلف عن بعضها بحسب مناطقها. وتتشابه فقرات كل منطقة في مظهرها ولكنها تتباين في أحجامها، ويزداد حجم وقوة الفقرات من الأعلى إلى الأسفل لتحمل الفقرات السفلى وزن الجسم.

وبداخل كل فقرة من الفقرات تجويف (ثقب مركزي)، وتشكل التجاويف فوق بعضها القناة الفقرية (الشوكية) التي يمر فيها النخاع (الحبل) الشوكي، وتتفرع منه الأعصاب الشوكية بجوار كل فقرة، عبر الثقب بين الفقرات، وعددها 31 زوجًا.

وتوجد أربطة مرنة ومتينة مختلفة ووسادات قرصية الشكل غضروفية تسمح للعمود الفقري بالتماسك كوحدة؛ لإعطاء الجسم شكله وتوزع ثقل الجسم وتعطيه الصلابة، وتجعله درعًا قويًا للنخاع الشوكي الذي يمر داخله، وللأعصاب التي تخرج منه. وفي الآن ذاته تسمح للعمود الفقري بالحركة وتحفظ النخاع داخله فلا يلتوي أثناء حركته. والحركة بين كل فقرتين ضعيفة ولكن مجموع حركة الفقرات يسمح للعمود الفقري بأن ينحني للأمام وللخلف، وأيضًا على الجانبين، مع اختلاف مدى الحركة، وأكبر مدى للحركة يكون للفقرات العنقية، بينما تكون أدنى حركة في الفقرات الصدرية.


وعدد فقرات العمود الفقري في الإنسان 33 فقرة. يمكن تقسيمها إلى 7 فقرات في الرقبة، تليها 12 فقرة صدرية، ثم 5 فقرات قطنية ‏كبيرة قوية في منطقة البطن، وتحتها 5 فقرات عجزية ملتحمة لتكون العجز، و 4 (أحيانًا تكون 3 أو 5) فقرات عصعصية تلتحم ثلاثة منها لتكون العصعص.‏

والعمود الفقري للإنسان ولسائر الأنواع الحية لا يكون مستقيمًا، بل تظهر به انحناءات. وتوجد 4 انحناءات في العمود الفقري للإنسان (انحناءان مقعران ابتدائيان يولد بهما، وانحناءان محدبان ثانويان يتكونان مع بدء رفع الرأس ثم المشي). وهذه الانحناءات بالنظر إلى اتجاهها  من الأمام:

الانحناء العنقي (الرقبي): انحناء محدب.

الانحناء الصدري: انحناء مقعر.

الانحناء القطني: انحناء محدب، ويتضح أكثر لدى الإناث.

الانحناء العجزي (الحوضي): انحناء مقعر.

فالانحناءان المحدبان العنقي والقطني يبدآن في التكون بعد الميلاد لموازنة الانحنائين المقعرين الابتدائيين أثناء الحركة.

ورغم هذا التصميم المدهش المتناسق يؤكد التطوريون استحالة وجود تصميم ذكي للعمود الفقري للإنسان! فلماذا لا يعجب ‏تصميم الظهر التطوريون؟ وما هو ذاك التصميم الفريد الذي يرونه أفضل؟ وكان يمكن وقتها ألا يعتبروه معيبًا ناشئًا عن سمكرة التطور؟!‏

وفقًا لقصة التطوريين التي تحكي عن أسلاف الإنسان الذين يمشون على أربع فقد كان ‏العمود الفقري لديهم أفقيًا موازيًا سطح الأرض ما منع حدوث مشاكل في فقراته، ولما اعتدلت قامة هؤلاء ‏الأسلاف بدأت معاناتهم ومعاناة أبنائهم من بعدهم من آلام العمود ‏الفقري لأننا كبشر لسنا مخلوقين لنتحرك في وضع رأسي كما يرى التطوريون! كذلك يعيب التطوريون الانحناءات في العمود الفقري للإنسان!

وكالعادة، فإن ما يروّج له التطوريون على أنه تصميم معيب هو في الحقيقة التصميم الأمثل؛ من الناحية التشريحية والوظيفية، فالعمود الفقري للإنسان بفقراته المتناسقة، وبما يرتبط به من عضلات وأعصاب وأربطة وأقراص بين فقرية هو نظام معقد متكامل متناسق مصمم بدقة بحيث يضمن القوة والمرونة ويحافظ على توازن الجسم ويسمح بمدى واسع من الحركة. والانحناءات الطبيعية للعمود الفقري لا تسبب للإنسان أي ألم أو مشكلات صحية، وهذه الانحناءات الطبيعية تحقق أفضل تناسق حركي ممكن لجسم الإنسان.

فإن اختل التوازن والتناسق بين أجزاء هذا النظام المعقد بسبب الوضعيات غير المناسبة التي يضع فيها الإنسان جسمه أثناء النوم أو الجلوس أو الوقوف فعندها فقط تحدث آلام الظهر وغيرها من الحالات المرضية.

والانحناءات المرضية والمزمنة في أي من مناطق العمود الفقري تنشأ من وضعيات غير مناسبة وتؤدي إلى وضعيات غير مناسبة للجسم، ومن أهم التأثيرات السلبية لهذه الوضعيات المنحرفة للعمود الفقري أنها تعمل على رفع الحجاب الحاجز فتقلل من كمية الأكسجين التي تتنفسها الرئتان وتتوزع بعد ذلك على خلايا الجسم، كما أن هذا الانحناء المرضي يضر بالأحشاء الداخلية.

ونقص الانحناء هو حالة مرضية مثل الانحناء الزائد، ويُعرف في المنطقة الصدرية بالظهر المسطح، وفي المنطقة القطنية باسم الحداب القطني.

وقد تكون بعض حالات تشوهات العمود الفقري خلقية، ولكنهم عابوا التصميم الأساسي ‏المثالي الذي يعطي الإنسان مرونة الحركة، لأن هذا التصميم قابل ‏للعطب،‏ وفرق كبير بين أن يكون التصميم الأساسي معيبًا وبين حالات حدوث عطب ‏فيه منذ الميلاد أو أثناء الحياة. فإن لم تحافظ على عمودك الفقري في وضعيات مثالية أثناء النوم والجلوس والوقوف، فيُرجى عدم التبجح بأن ‏تعيب في التصميم، فالتصميم ليس به عيب.

كما أن استناد التطوريين على تصميم العمود الفقري كدليل على صحة التطور هو مغالطة من ‏مغالطاتهم لأن الفكرة القائلة بتطور الأنواع من بعضها البعض تصطدم بالعمود الفقري ‏وتنكسر عليه لمن يعقل. فكيف تطورت الفقاريات أساسًا من اللافقاريات مع كل الفروق التركيبية؟! ثم كيف يمكن ‏ادعاء التطور مع كل تلك الفروق بين العائلات المختلفة في فقرات العمود الفقري، بل وبين ‏نوع ونوع آخر في العائلة نفسها. إن الفروق بين كل الأنواع في شكل العمود الفقري وعدد فقراته ‏دراماتيكي بل هي أكبر من الفروق بينها في تركيب العين.‏

وبعض التطوريين يدعي أن تصميم الركبة معيب لأنها عرضة للإصابات! وأن البشر لديهم عددًا زائدًا من العظام لا يحتاجونها وهي بقايا ركام تطوري من الأسلاف الشجريين الذين كانوا بحاجتها! وأن عظام الحوض الضيقة تسبب آلام الولادة للإناث، وأنها كذلك لأن حجم قناة الولادة الأنثوية لم يتطور عن السلف المشترك بينما تطورت جمجمة الإنسان!

وبالنسبة للركبة فجميع مشاكلها ترجع إلى إساءة استخدامها، ولو باستطاعة أي تطوري أن يرينا تصميمًا أفضل للركبة البشرية فليرنا إياه.

وأما بالنسبة للعظام الكثيرة التي توجد في أطراف الإنسان العلوية والسفلية وتسمح لها المفاصل والأربطة بالحركة، فلا علاقة لها بأسلاف تتعلق وتتقافز على الأشجار، فهذا التصميم المثالي يسمح لأيدينا وأقدامنا بأن تتحرك بمرونة أكثر مما لو كانت كل يد وقدم مكونة من عدد أقل من العظام، فعندها ستكون متصلبة، وأعتقد أنه بالإمكان إعداد مجسمات لمحاكاة النموذج التطوري الغبي لنرى كيف سيعمل.

ومعلوم أنه توجد فروق في اتساع الحوض بين النساء والرجال لصالح النساء، وأن تكوين الحوض ومرونة المفصل الذي يربط عظمتيه يسمح بولادة طبيعية لأغلب النساء اللاتي يعشن حياة صحية ويتحركن كثيرًا، كما أن جمجمة الطفل الوليد تكون مرنة وعظامها منفصلة ترتبط مع بعضها بخيوط ليفية قوية ومرنة، وهو ما يساعد على ولادته دون تضرر المخ. ومشاكل الولادة التي تنشأ للنساء تحدث بسبب نمط الحياة غير الصحي وقلة الحركة.

جراب الكوالا Koala

حيوان الكوالا المهدد بالانقراض هو حيوان جرابي (كيسي) كالكُنغر، يقضي أغلب وقته يتسلق على جذوع أشجار الكافور، وهذا الجراب للأنثى الذي تحتفظ فيه بالجنين ذي الحجم الصغير للغاية ليكمل نموه كباقي الجرابيات يفتح إلى أسفل وليس لأعلى مثلما هو الحال في كيس الكنغر، وهذا مما يعتبره التطوريون عيبًا لأنه لا ‏يتلاءم مع ظروف معيشتها؛ إذ سيجعل الابن أكثر عرضة للسقوط أثناء تسلق أمه للأشجار.‏


وبالطبع فإن هذه نظرة قاصرة لأن هذا الابن سيقضي ‏حياته يتسلق الأشجار مثل أمه،  ومن ثم فالوضع الذي يتخذه في تمسكه بأمه في جرابها طيلة استكماله ‏لنموه الجنيني لمدة ستة أشهر، ثم تمسكه بظهرها أو بطنها لستة أشهر أخرى هو جزء من تهيئته وتدريبه على حياته المستقبلية كي ينشأ متكيفًا معها.‏ ومثال الكتكوت الذي يُترك حتى يكسر البيضة ليعيش فإن تلقى مساعدة في كسرها ‏من الخارج لم يستطع مواجهة الحياة هو مثال شهير.‏

وهناك أمر آخر هو أن أنثى الكوالا تلد صغيرًا واحدًا كل مرة يعيش في أول الأمر في جراب ‏الأم ويتغذى بحليبها، ثم تبدأ الأم تفرز طعامًا أخضر غير مكتمل الهضم فيلعقه الصغير ‏بلسانه، وجراب الأم مفتوح من الجهة الخلفية ليستطيع الصغير بلوغ الطعام.‏

لكن التطوريين يدعون أن الكوالا قد تطور من سلف حفار كيسي قديم شبيه بحيوان الوومبت Wombat، ‏والوومبت هو حيوان حفار لا يتسلق الأشجار، ويعتبره التطوريون أقرب أقرباء الكوالا، وجرابه يفتح إلى أسفل كي لا يدخل التراب المندفع أثناء الحفر في ‏الجراب، فاعتبر التطوريون وجود الجراب ذي الفتحة السفلية متلائمًا في الحيوان الذي عدوه ‏سلفًا (جد الوومبت)، وعيبًا في الحيوان الذي افترضوه تطور منه (الكوالا).‏

علمًا بأن الجرابيات بالذات تمثل معضلة كبيرة للتطوريين لأنها تتشابه مورفولوجيًا وتشريحيًا ‏مع نظيراتها من المشيميات، بينما يدعي التطوريون انفصال كل مجموعة منهما عن الأخرى ‏من حوالي 120 إلى 160 مليون عامًا، ومع ذلك حدثت كل تلك التشابهات التي ترقى إلى حد ‏التطابق بين أفراد كلا المجموعتين!

وهناك معضلة أخرى عند إدعاء أن سلفًا مشتركًا جرابيًا كان للكوالا؛ إذ كيف يمكن التأكد من ‏خلال حفرية أي كائن أنه جرابي أو مشيمي؟! صحيح أن الجرابيات تختلف في أسنانها وشكل الفك عن المشيميات، لكن الحفريات نادرة وعادة لا تكون مثالية ومكتملة، ومن ثم فإن مسألة جد الكوالا شبيه الوومبت هو افتراض خيالي احتمالية إثباته صفرية.‏

ثم لماذا لم تحدث تغيرات تطورية لدى بعض أفراد الكوالا تعدل وضع الجراب ليفتح من أعلى؟! أم أن التطور غير قادر على صنع تعديلات مفيدة؟!

 

فهرس مقالات مدونة نقد التطور- د/منى أبو بكر زيتون

مقالات مدونة نقد التطور مجموعة في كتاب بعنوان "الإلحاد والتطور.. أدلة كثيرة زائفة" يمكن تحميل نسخة pdf عبر الرابط https://p...